الجمعة، 10 أغسطس 2018

دودة الورق * * * بقلم الكاتب المتالق جاد عبدالله

دودة الورق
(قصه قصيرة)
-----جـ-----

ذات ليلة باردة فيها احلامي, جافة حارة انفاسي .. استوطنت زاوية المقهى و أدرت ضهري للجميع موجها كل اهتمامي الى قلمي و دفتري المثقل بخربشات اختلفت الوانها
قررت ان اكتب قصة قصيرة .. عن نفسي.

وهربت كل الكلمات .. كنت أعلم أني اجوف الوتيرة متعاضد الرؤى الفقيرة و اعاني من يأسٍ خباياهُ وثيره.
و لكن لم أكن اتخيل ان الدار فارغة و الارض باردة .. تفتقد حتى الى بقايا الحصيره.

رفعت رأسي باحثا عن قطرة أمل من وجنتي القمر .. وما ادركته .. حال بيننا ظل عجوز اعتزل الابتسام و امتهن اطاعة الملل.

ادرت الورقة علها تجد نورا بعيدا عن ركن الظلمة المحدق في نبضات قلبي .. و ما كدت ابسط ذراعي على كتف الدفتر حتى لمحت شيئا يتحرك صغير جدا .. لولا ضيق انفاسي و بطء حركتي ما لمحته ابدا

انها دودة .. نعم انها هي
امعنت في مراقبة كل تحركاتها و شدني اليها محاولات فاترة في فهم ماذا تفعل و بماذا تفكر و ماذا تريد؟!
ما الذي تقتات عليه و ما الذي جعلها تقرر البقاء على هذه الطاولة؟!

توجهت الى النادل المار بي ممسكا ذراعه و سؤالي يسبقني .. من اعتاد الجلوس في هذا المكان؟
ابتسم ابتسامة اعرفها جدا
ابتسامة كانت حبيبتي تخفيها دوما عني حينما تريد ان تخفي جوابا او ترسله مزيناً حتى لا اشعر بالاهانة و قال " امرأة تحمل قلما و اوراق فارغة و تذهب بهم كذلك فارغه"
فهمت .. شكرا لك
سأكتب قصتي الان

ماذا احتاج لتلك القصة
الزمان .. انها الساعة الحادية عشر ليلا من يوم الخميس الموافق اثنتا عشر يوما من ذكرى ميلادي الواحد و الاربعين

المكان .. نعم هو ضجيج الاقداح و ثرثرة الاشباح في هذا المقهى البائس اللعين.

الشخصيات .. دودة.. فعلا انها الدودة

الصراع .. محاولات الدودة اللافتة لللنظر في الوصول الى دفتري .. فهي لا شك تنوي التهام خربشاتي و ما تبقى من ذكرياتي
و لكن هل ستسلم اوراقي و ترمي بما اثقلتها حملا .. لعلها تنفذ بذاتها
هل فعلا ستفعل اوراقي .. هل هي انانية تحب نفسها الى هذا الحد و تنكر عمرا طويلا شاركتها فيه كل مشاعري و احاسيسي
هي التي تعلم كل اسراري و خبايا قلبي
انها الشيء الوحيد الذي يعلم صوت نبضي و صورة روحي.
ويحي .. أحقا ستفعل ؟!!
لم استعجل و اتهمها بالتخاذل .. فلعلها تقاوم و تنتصر لي .. سأنتظر حتى النهاية .
و لاعود و اكمل عناصر الحكايه..

العقدة .. أي عقدة .. لعلها عقدة الغياب
انعدام الثقة في بائعة الياسمين
اشراقة الشمس خذلتني على باب الفجر و أفِلت الى حيث لا ادري .. تركتني وحيدا تفترسني ظلمة ليل دائم همجي ينهش كل ما يطاله مني فجع شره لا يشبع ..  لا يكل او يستكن

الحوار ..
هل سيدور حوارا بين القوي و الضعيف
ام هو نرد خبيث .. سيلهو بي قليلا على طاولة القمار؟
لربما اكون وسيط سلام بين الدفتر و الدودة .. او لعلي استعين ببعض من النمل الذي يجتمع على الجثث المتيبسة ليكون هو حلقة الوصل بين قلمي و الدوده
قلمي!!!!
و هل قلمي محايد في هذا الصراع
اليس من واجبه ان ينحاز للدفتر .. لعله يفعل  او قد لا يفعل .. لحين حضوره سأسأل آخر عنصر من عناصر القصة القصيرة و هو الحل.

الحل .. الحل ... الحل
لن اكتب القصة و لن اتفاعل مع عناصرها.

بل سأنتصر لذاتي
لدفتري
لاقلامي
بل و سانتقم لتلك السيدة قبلي
سأقتل الدودة ..

لكني لست اجد لها ذنبا فلما اقتلها
هي دودة تاكل الورق
سأفعل ما هو افضل
و يبقي كل الاطراف على قيد حياة

هاك يا دودة .. تلك قصاصة من ورقة فارغة .. ام تتضرج بعد بنزف قلمي
اعلم هي ليست متبلة و لا مبهرة و لكنها افضل ما قد اقدمه و هي عشاؤك لهذه الليلة
فأنا قررت أن أرحل ..
وداعا.............!!!

#مذكرات_لم_تكتب_بعد

جاد عبدالله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وطني الكبير * * * بقلم الشاعر المتالق الشاعر احمد اورفلي

..........وطني الكبير..............  وطني الكبير المهدم كيف ارسمه                              قد ضاعت معالمه بين طامع وقابع  من فجر ال...